"من الظل إلى النور" – توفيق بخوت:
بدأت بعض الأصوات الحرة في أوروبا وأفريقيا تتعالى في
وجه من أطلقوا يد ألوية الموت السوداء في القارة السمراء والشرق الأوسط، في لعبة نُفوذ دموية للسيطرة على الثروات وصناعة القرارات.. إذ لا يتبادر
البتة إلى ذهن سليم إدانة أمن أو جيش فرنسا لقتلهم مهاجمي تشارلي ايبدو أو خاطفي
الرهائن في عين المكان ودون محاكمة! و المنطق السليم هنا يقول لاحصانة ولاحقوق
للإرهابيين الذين يرفضون وضع السلاح أرضا.. وبالتالي ففرنسا أو غيرها يجب أن تكون
آخر من يتكلم عن انتهاكات الجيوش الأفريقية التي تواجه لوحدها جماعة وحشية خرجت من
العدم وأطلقت على نفسها " بوكو حرام"، وهو اسم على مسمى، لأن ما يرتكبه
غوغائها يفوق الحرام المُتعارف عليه في دين سمح كالإسلام!..
فما معنى أن
يقوم بلد "المساواة والحرية والإخاء"، حسب تقارير صحفية واردة، باتهام الجيوش الإفريقية
(النيجيرية والتشادية والكاميرونية وغيرها) بارتكاب انتهاكات في حق مقاتلي
جماعة بوكو حرام التي فاقت الإرهاب بربرية؟ بل وتوجه إنذارا إلى الجيش
النيجيري عن طريق التهديد بمثول مسؤوليه أمام المحكمة الجنائية الدولية
CPI! والتهمة مواجهة الإرهابيين
بالحديد والنار دون محاكمة!
هل هذا كلام
صادر عن فرنسا العاقلة التي عانت وواجهت
الإرهاب في عقر دارها،أيام الفنزويلي كارلوس واللبناني جورج عبد
الله اللذان روعا باريس في السبعينيات والثمانينيات على
التوالي؟ أم أن فرنسا لا تريد خسارة مواقعها في القارة السمراء
بأي ثمن، ومعها ميزانية تسليح مهمة لـ"غرغرينا" بوكو حرام،
الذي أريد به حصان طروادة جديد!
والتقارير
في هذا الصدد تشير بأصابع الاتهام إلى تسليح فرنسي للـجماعة
المذكورة، مثلما أسقط العراقيون طائرتين بريطانيتين لإمداد تنظيم الدولة
ووضعوا أيديهم على خبراء أمريكيين وغيرهم في قاعدة خلفية لـداعش،
التي تظهر أنها عصية على الإبادة بأكثر من 16 ألف غارة جوية لـطائرات
الولايات المتحدة وحلفاؤها. ويجب علينا بكل بلادة نحن العرب
المسلمون والأفارقة أن نُصدق بُكائهم على الديموقراطية وتلهفهم
الدائم على حقوق الإنسان والمرأة والحيوان والجماد!
أجزاء معينة من
القارة الإفريقية سقطت إذن فريسة صراع نفوذ دموي تتشكل أطرافه من فرنسا
النافذ التقليدي في مستعمراتها السابقة ومعها الولايات المتحدة
الأمريكية (دون نسيان التغلغل الإسرائيلي السري) التي كانت تعاكسها على
هذا النفوذ إلى غاية متم التسعينيات، ليتحدا هذه المرة أمام المد
الصيني-الروسي، وما فشلت فيه مذابح التوتسي والهوتو العرقية،
وكذا حرب التشاد مع العقيد الصريع القذافي مثلا، يظهر أن زعماء
الغرب يأملون في تحقيقه عبر جماعة بوكو حرام، وبالتالي ضرب سرب
من العصافير دفعة واحدة وبحجر واحد مموه جدا بألوان التطرف الإسلاموي،
ولتهنأ أوروبا وأمريكا بمنظر الدم والنار في "حدائقها الخلفية"
طالما هي بعيدة عن مدنها ولا تصلها منها إلا غلات الاستغلال!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق