أخبار عاجلة
/ , , / قراءة في الانتخابات الجماعية المقبلة في الرباط

قراءة في الانتخابات الجماعية المقبلة في الرباط



عبد الحميد الناجح-المواطن نيوز-جهات وتحاليل (هام):

  إن المتتبع للـشأن المحلي بـمدينة الرباط ينتظر بفارغ الصبر الانتخابات الجماعية المقبلة التي بدأت تطرق على الأبواب، وخصوصا ما سوف تسفر عليه من نتائج لـلاحزاب المشاركة. المهم هنا ليست النتائج في حد ذاتها ولكن كيف سيتم تقاسم المقاعد فيما بين الأحزاب؟ ومن تلك التي سيعلن عن تفوقها الصندوق؟ هذا الصندوق الجماد الذي ينطق في تلك اللحظة ويصنع المسرة للبعض و الإحباط للبعض الآخر، بمجرد ظهور النتائج.

 فـالمواطن و الناخب في آن واحد، عادة ما يُختار الشخص، و قليلا ما يختار الحزب. فثقافتنا لـانتخاب من يمثلنا ليست ثقافة التصويت على الحزب و لا على برنامجه ولا الالتزام بـمبادئ حزب ما وتأييده إلى ما شاء الله. حيث لا يمكننا أن نلوم المواطن على هذا، فكيف له أن تكون عنده هذه الثقافة إذا لم تكن نفسها عند المرشحين، الذين عادة ما يبدلون انتماءاتهم السياسية كما يبدلون الملابس، لمجرد أن يكون هناك توجه لم يرقه، كترتيبه في اللائحة الانتخابية للحزب؟!

 الحمد لله ليس الكل هكذا، وإنما الأغلبية لان "السوق" السياسي إن صح التعبير،  يحتم على بعض الأحزاب ذات الحظوظ الضعيفة الاستفادة من الغاضبين في أحزاب أخرى، لذلك تكثر حرب الاستقطاب. و إن دل هذا على شيء فإنما يدل على عدم وجود ثقافة حزبية و عدم الاكثرات بـالحزب نفسه، وهذا ما يجعل الناخب يشمئز من عملية الانتخابات نفسها، بل يقاطعها أحيانا أو يستغل ذاك الظرف لابتزاز المرشحين للـانتخابات، والدخول معهم في مساومات. فحين نجاح هذه النوعية لا تجد نفسها ملزمة للـمواطن بتنفيذ وعودها و أيضا للـحزب، لعدم وجود رباط دائم بينهما. فلذلك على الأحزاب الوطنية أن تغير من سياساتها اتجاه أعضائها و اتجاه المواطن، ولماذا لا العمل على استصدار قانون عن طريق نوابها البرلمانيين، للحد من عملية تغيير اللون السياسي، يُلزم المنتخب المحلي بعدم تغيير حزبه إذا كسب معه انتخابات سابقة. إذ لا يعقل أن يترشح هذا الأخير في انتدابين متتاليين بلونين سياسيين مختلفين (إذا لم يكن قد غيره إبان الانتداب). هذا قمة الاستهتار بـالعملية الانتخابية و بـأصوات الناخبين.
      
   أما بالنسبة للقراءة الأولية في النتائج المقبلة للـانتخابات المحلية في الرباط ، فعادة تكون للحزب الذي ينتمي إليه العمدة حظوظ أوفر عن باقي الأحزاب، و هذا مرتبط بالأساس بمدى مردود يته و رضى المواطنين عنه إبان ولايته، الشيء الذي يجعلنا ننتظر مفاجأة غير سارة لـحزب الاتحاد الاشتراكي، إلا في حالتين: الأولى هي تغيير السيد العمدة الحالي لسياسته في تسيير مدينة الرباط في المدة المتبقية له، و إصلاح ما يمكن إصلاحه. علما أن لديه عدة عراقيل من بينها النظام الخاص للرباط و الذي لم يتكيف معه كما يجب لتلبية متطلبات المواطنين. هذا النظام الذي شطبت عليه القوانين الجديدة. و الحالة الثانية هي إعادة النظر كليا في لائحة المرشحين للانتخابات الجماعية المقبلة من طرف قيادة حزب الاتحاد الاشتراكي الذي سيكون امام محك صعب، و ذلك اذا تابع امينه العام سياساته لاقصاء معارضيه، و من بينهم العمدة ولعلو نفسه، الذي ليس له حظ في تصدر لائحة الاتحاديين في الرياض اكدال. وهذا ما علِمه ولعلو و بدا يودع المجال الجماعي بـسياسة اترك المخلوق للخالق... دون ذلك لا نظن أن حزب الوردة سيزيد من عدد مقاعده في الرباط. و العدد الحالي هو 6 من 86، و هذا أيضا في حد ذاته مشكل آخر يعاني منه هذا الحزب في تسيير العاصمة.

  العدالة و التنمية ، بمجرد أن نذكر هذا الحزب حتى نتذكر القاعدة الهائلة و القارة لناخبيه، وهذا هو مركز قوته (Masse électorale fidèle)، ولكن هل هذه القاعدة لم تتأثر بدخول العدالة و التنمية إلى الحكومة و ترؤسها في شخص بنكيران؟ أكيد أن بعض قرارات هذا الأخير لم تكن شعبية و المواطن ينتظره عبر حزبه في ملتقى الطرق، و من المفترض أن تقل عدد مقاعده المحصل عليها في استحقاقات 2009 ، الذي وصل إلى 19 مقعدا. فـحزب العدالة و التنمية ينطبق عليه ما ينطبق على الاتحاد الاشتراكي بدرجة اقل، لأنه يكون الأغلبية في المجلس البلدي الحالي و المواطن كان ينتظر الكثير منه، حيث ان هذه الفترة الانتدابية الثانية التي قام فيها البيجيدي بتسيير مدينة الرباط، و لا يمكنه ان يظل مختبا وراء شعارات محاربة الفساد، اذ ان الجميع فطن الى اسلوب العدالة و التنمية بعدما افتضح امره في تسيير عدة مدن مغربية و حتى في تسييره للـحكومة.. يفتعلون المشاكل مع الاخرين ليعلقوا عليها اخفاقاتهم...

 حزب الأصالة و المعاصرة، لديه من الإمكانيات ما يمكنه تصدر الانتخابات المقبلة، لكن إمكانياته تضيع وسط أعضائه المكونين للـمعارضة، حيث يجد منتخبو هذا الحزب أنفسهم تائهين الآن بين المعارضة وعدم خبرة البعض منهم، وكذا عدم وجود قائد ذو كاريزما سياسية، يجمع الكل تحت مظلته و يقودهم في معارضتهم لتكون واضحة الملامح و بناءة.. بناءة لمستقبل قريب يمكنهم من ترؤس المجلس البلدي. ولكن على هذا النحو و دون قائد محلي يقود القطار و يجمع الشمل سيضيع عمل و إمكانيات حزب الأصالة و المعاصرة في الرباط، و سيظل معارضا فقط.

 حزب الاستقلال، في الرباط لا يكون له الحظ الأوفر دائما، و لكن يعرف من أين تؤكل الكتف و ينقض دائما على الفرص. هذا ليس استهانة بـحزب الاستقلال بل بالعكس هو حسن قراءة قيادييه المحليين و حساباتهم الصحيحة، فهو موجود بمن نجح و مع من نجح.

 حزب الحركة الشعبية، ضاع بين صراعات أعضائه في الرباط، رغم انه له العدد الأكبر من المقاعد. فإذا لم تجد الحركة الشعبية من يعوض الغائب الحاضر، العمدة السابق البحراوي، الذي كان محورا أساسيا في نجاحها خلال استحقاقات 2009 ، ستضمحل حظوظها لفائدة أحزاب أخرى . و الغريب في الأمر أن هذا الحزب الآن قوي بعدده و عدد المنضافين إليه، ولكن هذا العدد هو سيف ذو حدين، سيفرز مجموعة من الغاضبين إبان إعداد اللوائح الحزبية للـسنبلة، مما سيدفع هؤلاء إلى اللجوء إلى أحزاب أخرى كما ورد آنفا.

 حزب التجمع الوطني للاحرار يعمل ما في وسعه لاستقطاب وجوه قوية للاستفادة منها محليا كما فعل ذلك قبله حزب الحركة الشعبية ابان اكتساحه الرباط في سنوات 2002 الى 2009. وقد يسعفه الحظ هذه المرة خصوصا اذا استطاع استمالة عمر البحراوي و ضمه الى صفوفه.

 أما ما تبقى من الأحزاب سيكون لهم نصيب بحكم طريقة الاقتراع باللائحة مع احتساب اكبر بقية.  تلك البقية التي تعطي الجميع تقريبا نصيبا من المقاعد، لتكون الزربية الرباطية مزركشة كما عاهدناها.


 لم أود بتاتا أن ارسم صورة أو لوحة غير ناصعة لكل هذه الأحزاب، ولكن لا بد من أن ندق جرس الإنذار، إذا أردنا أن ننهض بـالعمل الجماعي و الجماعات الترابية في المملكة، خصوصا و أن الملك محمد السادس تطرق بوضوح كبير إلى الدور الذي يجب أن يلعبه المنتخب المحلي، حيث لا مجال بعد الآن لتضييع الطاقات في صراعات سياسية هامشية و يضيع معها بالتالي المنتخب الفرصة على حزبه و على المواطن و على مدينته.
الموضوع السابق :إنتقل إلى الموضوع السابق
الموضوع التالي :إنتقل إلى الموضوع القادم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق